دولة الأمير عبد القادر و عاصمته المتنقلة
وقد البطولة اضطرت فرنسا إلى عقد اتفاقية هدنة معه وهي اتفاقية "دي ميشيل" في عام 1834، وبهذه الاتفاقية اعترفت فرنسا بدولة الأمير عبد القادر، وبذلك بدأ الأمير يتجه إلى أحوال البلاد ينظم شؤونها ويعمرها ويطورها، وقد نجح الأمير في تأمين بلاده إلى الدرجة التي عبر عنها مؤرخ فرنسي بقوله: «يستطيع الطفل أن يطوف ملكه منفردًا، على رأسه تاج من ذهب، دون أن يصيبه أذى!!». و كان الامير قد انشا عاصمة متنقلة كاي عاصمة اوربية متطورة انداك سميت الزمالة
وقبل أن يمر عام على الاتفاقية نقض القائد الفرنسي الهدنة، وناصره في هذه المرة بعض القبائل في مواجهة الأمير عبد القادر، ونادى الأمير قي قومه بالجهاد ونظم الجميع صفوف القتال، وكانت المعارك الأولى رسالة قوية لفرنسا وخاصة موقعة "المقطع" حيث نزلت بالقوات الفرنسية هزائم قضت على قوتها الضاربة تحت قيادة "تريزيل" الحاكم الفرنسي. ولكن فرنسا أرادت الانتقام فأرسلت قوات جديدة وقيادة جديدة، واستطاعت القوات الفرنسية دخول عاصمة الأمير وهي مدينة "معسكر" وأحرقتها، ولولا مطر غزير أرسله الله في هذا اليوم ما بقى فيها حجر على حجر، ولكن الأمير استطاع تحقيق مجموعة من الانتصارات دفعت فرنسا لتغيير القيادة من جديد ليأتي القائد الفرنسي الماكر الجنرال "بيجو"؛ ولكن الأمير نجح في إحراز نصر على القائد الجديد في منطقة "وادي تافنة" أجبرت القائد الفرنسي على عقد معاهدة هدنة جديدة عُرفت باسم "معاهد تافنة" في عام 1837م. وعاد الأمير لإصلاح حال بلاده وترميم ما أحدثته المعارك بالحصون والقلاع وتنظيم شؤون البلاد، وفي نفس الوقت كان القائد الفرنسي "بيجو" يستعد بجيوش جديدة، ويكرر الفرنسيون نقض المعاهدة في عام 1839م، وبدأ القائد الفرنسي يلجأ إلى الوحشية في هجومه على المدنيين العزل فقتل النساء والأطفال والشيوخ، وحرق القرى والمدن التي تساند الأمير، واستطاع القائد الفرنسي أن يحقق عدة انتصارات على الأمير عبد القادر، ويضطر الأمير إلى اللجوء إلى بلاد المغرب الأقصى، ويهدد الفرنسيون السلطان المغربي، ولم يستجب السلطان لتهديدهم في أول الأمر ، وساند الأمير في حركته من أجل استرداد وطنه، ولكن الفرنسيين يضربون طنجة وموغادور بالقنابل من البحر، وتحت وطأة الهجوم الفرنسي يضطر السلطان إلى توقيع معاهدة الحماية، التي سبقت إحتلال المغرب الأقصى.
بداية النهاية
يبدأ الأمير سياسة جديد في حركته، إذ يسارع لتجميع مؤيديه من القبائل، ويصير ديدنه الحركة السريعة بين القبائل فإنه يصبح في مكان ويمسي في مكان آخر حتى لقب باسم "أبا ليلة وأبا نهار"، واستطاع أن يحقق بعض الانتصارات، ولكن فرنسا دعمت قواتها بسرعة، فلجأ مرة ثانية إلى بلاد المغرب، ومن ناحية أخرى ورد في بعض الكتابات أن بعض القبائل المغربية راودت الأمير عبد القادر أن تسانده لإزالة السلطان القائم ومبايعته سلطانًا بالمغرب، وعلى الرغم من انتصار الأمير عبد القادر على جيش الإستطلاع الفرنسي، إلا أن المشكلة الرئيسية أمام الأمير هي الحصول على سلاح لجيشه، ومن ثم أرسل لكل من بريطانيا وأمريكا يطلب المساندة والمدد بالسلاح في مقابل إعطائهم مساحة من سواحل الجزائر: كقواعد عسكرية أو لاستثمارها، وبمثل ذلك تقدم للعرش الإسباني ولكنه لم يتلقَ أي إجابة، وأمام هذا الوضع اضطر في النهاية إلى التفاوض مع القائد الفرنسي "الجنرال لامور يسيار" على الاستسلام على أن يسمح له بالهجرة إلى الإسكندرية أو عكا ومن أراد من اتباعه، وتلقى وعدًا زائفًا بذلك فاستسلم في 23 ديسمبر 1847م، ورحل على ظهر إحدى البوارج الفرنسية، وإذا بالأمير يجد نفسه بعد ثلاثة أيام في ميناء طولون ثم إلى إحدى السجون الحربية الفرنسية، وهكذا انتهت دولة الأمير عبد القادر، وقد خاض الأمير خلال هذه الفترة من حياته حوالي 40 معركة مع الفرنسيين والقبائل المتمردة .