بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
و بعد فهدا موضوع شد إعجابي وقد قرأته في جريدة السبيل المغربية
وحتى تعم الفائدة جميع إخواني الأعضاء أحببت أن أكتبه في المنتدى
نظرية المؤامرة .. حقيقة أم وهم؟ ذ.الحسن بن الحسين العسال
يُتهم الإسلاميون بأنهم ينسبون كل إخفاقاتهم ومصائبهم على المستوى الحضاري إلى نظرية المؤامرة،وأن الغرب بشقيه النصراني واليهودي؛المتدين والعلماني، يتآمر عليهم. إلا أن هذه التهمة الصادرة من خزائن حقد بني علمان على الإسلام في الداخل والخارج لا يمكن أم ينجو منها حتى منظروهم في هذا البلد الحبيب ، يقول الجابري :إن "القوى الخارجية المهيمنة والساعية إلى الهيمنة، مشغولة باستمرار،بالوضع العربي بمتابعة تطوره، بفرملة انطلاقته ،بتحريك الدمى فيه ،وكل ذلك من أجل ألا تفلت الأمور من يدها.وهذا يرجع إلى الموقع الإستراتيجي الذي يحتله العالم العربي على خريطة الصراع العالمي ،كما يرجع إلى موارده الاقتصادية التي تتوقف عليها وعلى ضرورة استمرار انصراف فائض القيمة فيها نحو مراكز الهيمنة في كل من الاقتصاد العالمي والإستراتيجية الإمبريالية".مجلة مواقف، الكتاب الواحد والعشرون ص:43-42
ومن المعلوم أن صموائيل هنتنغتون في نظريته حول صدام الحضارات أكد على أن الصراع سيكون بين الحضارتين الإسلامية والغربية ،داعيا الغرب إلى زيادة التسلح كي يحافظ على تفوقه تجاه المسلمين ،وهذا ما يطبقه الغرب بحذافيره خصوصا طفلهم المدلل المتمثل في الكيان الإرهابي الجاثم على الأرض المباركة الذي كلما شم صاروخا هنا أو هناك، أو حتى رآه في المنام، إلا وبدأ يولول ، ويطلب النجدة من حماته كي يصادروا ما توَهم أنه أخل بالتفوق العسكري الذي حددوه له ولهم.
وعقب المجزرة اليهودية في عرض البحر المتوسط،لم يهرع الغرب للإدانة كما يفعل كل مرة عندما يعتقد أن الفاعل هو المسلم ، بل تريث حتى لا يجرح مشاعر الكيان الإرهابي –شريكه في المؤامرة على المسلمين- وعندما نطق ظهرت خيوط المؤامرة من جديد، فهذا ساركوزي : يدين الاستخدام غير المتكافئ للقوة في الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية "وكأن المتضامنين كانوا مدججين بالسلاح!وهذا البيت الأبيض :"يعرب عن أسفه العميق لسقوط ضحايا"؛ دون أدنى إشارة لوحشية الكيان الإرهابي.
إن نظرية المؤامرة بادية لكل ذي عينين متفحصتين في تاريخ الغرب الحضاري من خلال حذفه لحلقة من حلقات هذا التاريخ و المتمثلة في الحضارة الإسلامية ، الممتدة من القرن التاسع الميلادي إلى القرن الخامس عشر ، والتي كانت تهيمن على حوض البحر الأبيض المتوسط؛ ورَبطه حاضره بماضيه الروماني و اليوناني ،دون أدنى إشارة إلى الحالة المزرية من التأخر والجهل في القرون الوسطى، والتي لم يستيقظ منها إلا بعد احتكاكه بالعرب المسلمين، واقتباسه عنهم مظاهر الحضارة ،لأنه لو كان يكنّ الاحترام للحضارة الإسلامية –وليس الدسائس- لما شطبها من تاريخه.
ومما يدل على أن نظرية المؤامرة مترسخة في العقل الجمعي للغرب هو فكرة المركزية الذاتية الأوربية،والتي لم يستطع أو لم يرغب في التخلص منها على الرغم من الشعارات المرفوعة عن حقوق الإنسان، خصوصا ما يتعلق بالمساواة بين الأجناس و الأعراق.لأنه يعتقد حسبما تحكي الأسطورة اليونانية أنه تسلم من الإله اليوناني بروميثيوس نار المعرفة بعد سرقتها من الآلهة ،لذا فهو أحق بها وأهلها،أما الحضارات والشعوب الأخرى فهي عالة عليه،بل و ممتنة له ،و خصوصا الحضارة الإسلامية التي تمثل الند المحتمل، والمنافس المستقبلي ، والمارد الأخضر الذي يخشى خروجه من قمقمه.
و هناك شواهد كثيرة من التاريخ كانت و لازالت تمثل وتعبر عن الهاجس الدائم والمستدام الذي يؤرق الغرب، ألا وهو نظرية المؤامرة ،خصوصا على الإسلام الذي رغم كل المحاولات الجبارة لدحره، لا يكاد يخفت حتى ينبعث من جديد أكثر قوة ، وأكثر صلابة ، و أكثر صفاء.
قال الحاكم الفرنسي في الجزائر في ذِكْرى مرور مائة سنة على احتلال الجزائر:" إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرؤون القرآن ، ويتكلمون العربية ، فيجب أن نُزيل القرآن العربي من وجودهم، ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم".
وهذا ما يطبقونه بأيدي بني علمان من بني جلدتنا.
وقال المبشر تكلي :"يجب أن نشجع إنشاء المدارس على النمط الغربي العلماني ،لأن كثيراً من المسلمين قد زعزع اعتقادهم بالإسلام و القرآن حينما درسوا الكتب المدرسية الغربية و تعلموا اللغات الأجنبية " و مدارس البعثات الأجنبية أكبر و أجلى دليل على ذلك.
ولاشك أن اليهود- أيضا- لهم محاولات كثيرة و باع طويل في سعيهم الدءوب من أجل تحريف القرآن و السخرية منه،فقد أنتج أحد المصانع اليهودية أحذية وملابس داخلية للنساء مكتوب عليها آيات للقرآن أو لفظ الجلالة ، و حاولوا أيضا تغيير بعض الكلمات في المصحف ، ثم إعادة طباعته و نشره في البلاد الإسلامية ، لكن الله تعالى يقيض لكتابه من يدافع عنه ، فقد نشرت وكالات الأنباء الإسلامية بتاريخ 28/04/2001م أن شرطة المصنفات في القاهرة صادرت نسخاً من المصاحف المحرفة التي دخلت عن طريق الكيان الإرهابي ، حيث تم ضبط نسخ من القرآن الكريم و بها تحريف في الآية (69 من سورة البقرة ) التي تتحدث عن لون البقرة التي أمر الله سبحانه وتعالى نبيه موسى عليه السلام بذبحها للكشف عن جريمة قتل ، فالآية الصحيحة توضح أنها بقرة صفراء فاقع لونها، بينما تورد النسخ المحرفة المضبوطة أن لونها أحمر"لتتوافق بذلك مع ما جاء في التوراة التي يحملها اليهود الآن بعد تحريفها".
كما اشتملت النسخ المصادرة من هذه المصاحف على تحريف في نفس السياق في الآيات 11 و 93 من سورة آل عمران و الآية 34 من سورة التوبة والآية 51 من سورة النساء.
كانت القاهرة قد قامت بحملة شديدة واسعة النطاق على المكتبات ومحلات بيع الكتاب لمصادرة مصاحف محرفة مهربة من الكيان الإرهابي، تقدر بألفي نسخة،فيها تغيير لمعاني القرآن الكريم .
و مؤامرة إسقاط الخلافة العثمانية ليست منا ببعيد ،حينما استولى مصطفى كمال أتاتورك على الحكم و بنى الدولة العلمانية ، وألحق تركيا بالمجتمع الغربي، وقام بإغلاق جميع المدارس الإسلامية ،و منع ارتداء العمامة ، كما منع أي رمز يمت للإسلام بصلة ، وغير اللغة التركية من الحروف العربية إلى الحروف اللاتينية .
و المؤامرات تتوالى بأيدي بني جلدتنا من بني علمان عربا كانوا أم أمازيغ ، فإن كانوا عربا هاجموا العربية بالدعوة إلى العامية ، وإن كانوا أمازيغ أحيوا لوثة الظهير البربري ، وكلاهما يهاجم الإسلام ومظاهره ، و على رأسها الهجمة الشرسة على النقاب بعدما ارتدوا خائبين إثر غارتهم الدونكشوطية على الحجاب .
بل إن العلمانية هي من تطبيقات نظرية المؤامرة التي أتى بها نابليون بونابرت إثر حملته على مصر في 26 شوال 1212ه الموافق 12 أبريل 1798م؛و وجدت تطبيقها على يد الخديوي إسماعيل لما أدخل القانون الفرنسي سنة 1883م، لانبهاره و ولعه اللامتناهي بالغرب ، إلى درجة أنه كان يأمل أن يجعل من مصر قطعة من أوربا.
أما الشواهد البعيدة في التاريخ فكانت عندما دعا الراهب "بيتر المحترم" رئيس دير "كولني" في فرنسا سنة 1143م لأول مرة في التاريخ إلى ترجمة القرآن الكريم لمحاربة الإسلام من الداخل إلا أن الدوائر الكنسية منعت طبع هذه الترجمة وإخراجها إلى الوجود ، لأن إخراجها من شأنه أن يساعد على انتشار الإسلام بدلا من أن يخدم الهدف الذي سعت إليه الكنيسة أصلا ألا وهو محاربة الإسلام .
فالواضح إذن ، أن نظرية المؤامرة ثابتة عند الغرب اليهودي و النصراني ، المتدين والعلماني، إلا أن الاختلاف يبقى في كيفية التطبيق، كما وقع بين "بيتر المبجل" والدوائر الكنسية .
أضف إلى ذلك المؤامرات التي كان يحيكها يهود المدينة ضد نبينا صلى الله عليه و سلم ، وضد الدعوة الإسلامية. وكان أبرزها مؤامرة يهود بني قريظة الذين نقضوا معاهدتهم مع رسول الله صلى الله عليه و سلم وانضموا إلى كتائب الأحزاب التي تحدق بالمدينة ، و هم في مرحلة ضعف! فكيف بهم اليوم و هم أقوى ما يكون.
و لمن يتحجج بأن أحداث الحادي عشر من شتنبر 2001م هي التي أججت الحنق الغربي على المسلمين ندعوه إلى أن يسائل واجهات كاتدرائيات العصور الوسطى التي تحفل بتماثيل تذم الإسلام ، و من ضمنها تمثال شبه قار لشيطان يصور في أفظع صورة و اسمه :"baphomet"في إشارة واضحة إلى رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه ؛كي يعرف المغفلون أن الرسوم الدانمركية ما هي إلا امتداد لمؤامرة وحنق قديمين ، أضف إلى ذلك حظر الحجاب.. ثم حظر المآذن.. ثم حظر النقاب.. و هلم جرا..
فهل بعد كل هذا يمكن الحديث عن أن نظرية المؤامرة وهم لا يوجد إلا في أذهان الإسلاميين؟!